Politique

العدوان علي سوريا سينقل محور المقاومة إلي ‘أممية المقاومة’

الجزائر / 23 نيسان / أبريل / إرنا- يري الكاتب والمدون وأستاذ الفلسفة الجزائري محمد بوحاميدي أن فشل العدوان الثلاثي الأمريكي – البريطاني- الفرنسي علي سوريا، غير معطيات الوضع في منطقة الشرق الأوسط، بل ومن شأنه أن ينقل محور المقاومة إلي ‘أممية المقاومة’ في مواجهة أممية الغطرسة.

[العدوان علي سوريا سينقل محور المقاومة إلي ‘أممية المقاومة’]

وردا علي سوال حول العدوان الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي الاخير علي سوريا قال بوحاميد انه علينا أولا أن ننتبه، في تحليلنا للمسألة إلي عدة نقاط، أولها أن العدوان علي سوريا وقع بعد زيارة بن سلمان إلي البلدان الثلاثة المعتدية بريطانيا ففرنسا ثم الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الزيارات الثلاثة أهدي بن سلمان ملايير الدولارات تحت غطاء صفقات عقود أسلحة، هي في الحقيقة رشوة من العربية السعودية إلي هذه الدول.
هذا الواقع يؤسس إلي حقيقة أن هؤلاء أصبحوا شبه مرتزقة يقودون سياسة عدوانية علي بلد ذي سيادة وذي شرعية دولية، ما يعني أنه بعد أن كنا نسمع عن محافظين جدد نحن الآن أمام مرتزقة جددا.
الواقع الجديد الذي نعيشه يقول إننا وصلنا إلي وقت يتحدث فيه هؤلاء المرتزقة الجدد عن قيم أخلاقية لمعاداة القانون، إن أكثر الأشياء خطورة هو استعمال راية القيم لضرب القانون. القانون الذي وظيفته هي حماية الأقوياء والضعفاء، وإن كانت وظيفة حماية الضعفاء وظيفة ثانوية إلا أنها موجودة. إنهم بذلك يريدون إدخالنا في منطق الغابة أين يأكل القوي الضعيف، وهو منطق مناقض حتي للقيم التي يرفعونها.
واضاف انه منذ الإطاحة بالاتحاد السوفياتي، وهم يتغنون بالدفاع عن القيم لكسر بلدان ذات سيادة، كسروا يوغسلافيا وكسروا العراق وكسروا ليبيا. إن قيمهم هي قيم القوة وليس قيم القانون.
ما وقع في سوريا، منذ أيام، هو أول إخفاق عرفته صيرورة هيمنة القوة علي القانون، هذا الإخفاق لم يحدث لا في ليبيا ولا في يوغسلافيا ولا في بلد آخر.
هناك كتلة دولية تسمي نفسها ‘المجموعة الدولة’، وكانت هذه الكتلة دائما تضرب دولة منفردة، ضربوا يوغسلافيا منفردة، وضربوا العراق منفردة وليبيا كذلك. دائما كانت هذه الكتلة التي تشكل أكبر قوة عالمية تضرب بلادا صغيرة ضعيفة منفردة، حتي يوغسلافيا وإن كانت دولة متوسطة القوة آنذاك ضربت منفردة.
المتغير الحاصل اليوم في حالة سوريا أن سوريا لم تكن منفردة، فمقابل هذه الأممية العدوانية هناك في المواجهة ‘أممية مقاومة’ مشكلة من روسيا وإيران والصين وسوريا وحزب الله، ومع هذا المحور الذي يسمي ‘محور المقاومة’، وأفضل أن أسميه ‘أممية المقاومة’ وإن كان ليس بالمفهوم التقليدي، إذا أضيفت إليها كوريا الشمالية وفنزويلا وبوليفيا وبرازيل لولا، وما شابهها، إضافة إلي قوي أخلاقية تؤمن باحترام القيم المرتبطة بحياة الشعوب تشكلها الأقطاب الدينية والفكرية والثقافية وكتاب ومصورون وغيرهم.
ما شهدناه، منذ أيام، هو إخفاق أممية العدوان أمام أممية المقاومة. وهذا يدل علي أن هذه الدول الغيورة علي سيادتها إذا اتحدت علي أساس الدفاع علي وجودها، وحسب القانون الدولي، يمكنها أن تتغلب علي العدو.
وانطلاقا من هذا المتغير، يمكن القول إن الغطرسة الأمريكية والعنجهية أعمتهم، لأنهم أصبحوا في أزمة اجتماعية وسياسية وأخلاقية غير قادرين علي التحكم في الواقع المتغير أمام أعينهم.
ولم ينتبهوا إلي عودة نهوض روسيا بعد أن انهارت. لم يكن الأمر يتعلق فقط برئيس مثل بوتين، بل بقوي داخل روسيا غيورة علي بلادها واستمرارها. فإخفاقهم سياسيا مع روسيا أصبح يؤثر علي المتغيرات.
ولم ينتبهوا أيضا إلي إيران. هذا البلد كان من المفروض لديهم أن ينهار بعد الحصار الذي ضربوه عليه وبعد كل العقوبات التي تعرض لها. إلا أن إيران بقيت كدولة غير تابعة، ووجود إيران وصل مرحلة النضج وبدأ يعطي ثماره كاملة.
الذين كانوا يتابعون الواقع بنزاهة كانوا يرون أن هذين القطبين روسيا وإيران لا يمكن توقيفهم ومنعهم من الوجود في المحيط الجهوي لهم، أما هذه الدول المعتدية فلم تستطع أن تقرأ أنها في أزمة وأن دولا أخري تصعد. وبالرغم من الاختلاف الإيديولوجي بين إيران الإسلامية وروسيا الأرثودكسية، إلا أن هناك أقساما مشتركة أهمها الإيمان بالدولة الوطنية.
ان الحروب المتتالية التي فرضتها قوي الغطرسة علي دول المنطقة دفعت هذه الدول إلي تغيير رؤيتها في طريقة تسيير الحروب، وأصبحت تستعمل العلوم والتكنولوجيات والأفكار والتنظيمات الملائمة للحروب العصرية. فرد فعل سوريا كان رد فعل جيش ارتفع إلي مستوي الحروب الحديثة، مثلما سبقها في ذلك حزب الله، وسيصل إليه الشعب الفلسطيني، وكما وصل إليه الجيش الإيراني الذي استثمر ما استثمر في الأسلحة الجديدة التي يمكنها أن تغير في موازين القوي، فالصواريخ التي طورتها إيران تتفوق بكثير علي الأسلحة الأمريكية الضخمة والمعقدة، والنتيجة رأيناها في العدوان الأخير علي سوريا، فسوريا أطلقت 120 صاروخا مضادا للطائرات وللصواريخ، أصابت بها 71 صاروخا، ولنا أن نقرأ في هذه الأرقام نسبة الكفاءة، ولنا أن نقرأ تكلفة صواريخ العدوان الثلاثي وتكلفة صواريخ سوريا.

وردا علي هذا السوال: ان العدوان الثلاثي علي سوريا جاء في وقت حققت فيه سوريا ومحور المقاومة انتصارات علي الجماعات الإرهابية في البلاد، وكأن ذلك أقلق هذه الدول المعتدية. هل الأمر كذلك؟
قال : ان هذه الدول لا تقبل خروج سوريا من الأزمة التي أدخلوها فيها، بالنسبة إليهم يجب أن تكون هناك حرب دائمة، فهم يكونون في الإرهابيين، دون أن يخسروا المال الآتي من السعودية وقطر وإمارات الخليج الفارسي، والأمريكيون من جهتهم يضمنون الغطاء الدبلوماسي والصخب الدبلوماسي، لا يجب لسوريا أن تخرج من الحرب، وكانوا يطمعون أن تنكسر سوريا في ستة أشهر.
مقاومة سوريا بمساعدة إيران هي التي جلبت روسيا إلي هذا المعسكر، لأن روسيا لاحظت وجربت أن هذا المعسكر محور إيران-سوريا- حزب الله كان محورا جادا في مواجهة قيم القوة، في الوقت نفسه بوابة روسيا أمنيا، معروفة تاريخيا، هي سوريا.
روسيا رأت تحالفا جادا وله كلمة، وليس من المتهربين، رأت أنه يشكل حليفا قويا، فالناس لا تتحالف مع الضعفاء. إرادتان قويتان إلتقيتا، وان تعمل أمريكا ما تعمل لا يمكنها كسر هاتين الإرادتين.
الأمريكيون تدخلوا في كل مرة حققت سوريا تقدما وانتصارا استراتيجيا، الأول في القصي، ثم حلب، فانتصار الغوطة الذي أبعد عن دمشق التهديد الإرهابي. لذلك تدخلوا بهذه المناورات. وإلا كيف يمكن أن نفهم أن ترامب يصرح بأنه سينسحب من سوريا ويدعون أن الأسد يستعمل الكيماوي كي يعطي لترامب مبرر العودة’؟
علينا ألا ننسي أن أهمية المنطقة ليس في نفطها وغازها بل في طرق نقل النفط والغاز، هذه الطرق التي تشبه طريق الحرير في السابق، ولذلك غرسوا إسرائيل في قلب العالم العربي لضرب الوطنية العربية، وتوقيف حركات التحرر العربية، لقد غرسوا في المنطقة سكينين، سكينا عسكريا هي إسرائيل، وسكينا إيديولوجيا هو الوهابية لكسر الوطنية العربية باسم السلفية والرجوع إلي السلف، الاثنان توأمان وترسيمهما كان في وقت واحد تقريبا سنتي 45 و47، ونتذكر ابن سعود والرسالة التي وجهها ويتعهد فيها بعدم المساس بإسرائيل. إسرائيل والوهابية توأمان متحالفان سريا أو علانيا.

– ولكن السعودية تجري مراجعات في إيديولوجيتها؟
ليست مراجعات، بل تغيير دور، كان دور السعودية في السابق بث إيديولوجية ضد الوطنية العربية، اليوم هذه الوظيفة أصبحت دون جدوي، لأن الدور كان دورا معاديا للاتحاد السوفياتي ومكافحة الشيوعيين، والشيوعية لدي أمريكا تبدأ بالمطالبة بالحقوق، عند أمريكا أن تطالب بالضمان الاجتماعي فأنت شيوعي.
هذه الوظيفة انتهت ولم يعد لها جدوي بعد أفغانستان، والوظيفة اليوم التي أوكلت للسعودية هي العمل علي ذوبان الثقافة العربية الإسلامية. السعودية اليوم تأخذ طليعة الاستباحة، دفع شعوب المنطقة إلي التخلي عن قيمها، وتدخلها في ثقافة الاستهلاك، وتفوق الرغبة علي الأخلاق. لماذا’؟ لأن الدراسات الأمريكية أوضحت أن كل الشعوب إذا أدخلت لها حب الاستهلاك تنهار وتذوب روابطها القديمةـ قوتها تذوب في الملذات والمتعة. هذه هي وظيفة السعودية الجديدة في العالم العربي الإسلامي، الذهاب به إلي إباحة كلية وجماعية.

– بعد هذا العدوان الذي لم يأت بنتائج تذكر، لا علي الصعيد العسكري ولا علي الصعيد السياسي، كيف تري تطورات الوضع، علي الأقل علي المدي القريب؟
أعتقد أن أمريكا ستوقف ضرباتها، لقد أدركوا أنهم ارتكبوا خطأ سياسيا كبيرا بأن أتاحوا لسوريا وإيران وروسيا والصين فرصة أخري لأن يعيدوا طرح مسألة ضرورة احترام القانون الدولي في المحافل الدولية. في السابق كانت المسألة مسألة تدخل، وكان الأمر يكاد يكون مفروغا منه أن لهم الحق في التدخل باسم ما يدعونه من القيم والأخلاق، بالأمس كانت مسألة التدخل لا تناقش، اليوم هذه الدول الثلاث أعلنت حربا خارج كل أطر القانون الدولي، وتحولوا من متدخلين إلي معتدين وهذا أمر يناقش، وهذا هو الخطأ الكبير الذي وقع، ما كسبوه فلت من أيديهم. بالمقابل محور المقاومة سيكون له صدي أكثر وهو يدافع عن احترام القانون وسيادة الدول.
من الناحية العسكرية، أعتقد أن أي تدخل عسكري آخر سيكون ثمنه باهضا لهذه الدول، بالنظر إلي الأسلحة الدفاعية التي لدي سوريا. لقد دفعت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل روسيا إلي عدم تزويد سوريا بالمنظومة الدفاعية ‘أس 300’، لأن ذلك سيحدث تغييرا في موازين القوي بالمنطقة، اليوم موازين القوي تغيرت، ودون منظومة ‘أس. 300’.
يجب أن نتذكر أنه في الماضي كانت هناك 43 دولة اجتمعت لضرب العراق، وكان العراق يومها علي ركبتيه، اليوم أين هي الـ 43 دولة، رغم أن سوريا أصبحت أكثر قوة من 2011.
أعتقد أن الحل الذي بقي أمامهم هو أنهم سيفرضون علي السعودية صرف أموال باهضة أخري لخلق جيش جديد من الإرهابيين يعوض الجيوش التي كونتها وكان قوامها 300 ألف جهادي من 83 بلدا مختلفا، وهذه المهمة مستحيلة. ولأنه لا يمكنهم الانتصار عسكريا، أعتقد أنهم سيعملون علي إدامة الحرب في سوريا برجال الآخرين وأموال الآخرين.
من جهتنا علينا إرغام هذه الدول الثلاث علي الحل السلمي في سوريا بالوسائل السياسية المعروفة، وأول وسيلة سياسية هي وسيلة عسكرية. لا تستعجب، فالوسيلة العسكرية سياسية أيضا، لا بد أن يفهموا أن أمامهم علي الأرض قوي لا تقهر، ولابد من أن يفهموا أن أي عدوان علي سوريا ستكون ضحيته الأولي إسرائيل.
كما لابد من التوجه نحو قوي السلم في أمريكا وأوروبا، لتتجند وتربط أيدي المعتدين، وتوسيع التحالف الذي يربط محور المقاومة ليمس الرأي العام الغربي، تماما كما فعلت فيتنام، مقاومة عسكرية شرسة، وضمان إعدام العدو مرتبط بحملة سياسية لجلب أصدقاء. كما يجب أن تستعيد المعارضة السورية عقلها وتوقف جنونها.
انتهي **472**2041** 1718

Laissez un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

*