بتاريخ 18 نوفمبر 2015 أصدرت جريدة السفير،التي توقفت فيما بعد عن النشر،مقالا إستـفـزازيا للصحفي و الكاتب المتزلف، كما وصفه أحد الرفاق الفلسطينييـن، صقر أبو فخر، نموذج المـثـقـف العربي المرتزق، الذي كشف علاقته الحميمية مع رائد حركة التطبيع المتصهين الفار مؤخـرا من قطر، عزمي بشارة. و هو يتهجم مجانيا و يذم بألـفـاظ حـقـيـرة المناضـل البارز في حركة التحـرر الوطني و العمالية العربية الراحل محمود الأطرش ( الفلسطيني- الجزائري) الذي كرس كل حياته في خدمة شعوبها المضطهدة من طرف الإستعمار و الصهيونية و الرجعية العربيةو هل من باب الصدفة أن يعاد نشر نفس المقال في مجلة « نقطة و أول السطر » الإلكترونية بعد مدة 5 سنوات بتاريخ 31 جويلية 2020 في ظرف التطبيع العلني المتزايد ؟كنا ننتظر ردا مناسبا من طرف المؤرخ ماهر الشريف الذي قام بإعداد و تحرير كتـاب مذكـرات محمود الأطرش، خاصة و أن المتهجم صقر أبو فخر قام بتصريح خطيـر عـندما كـتـب : » و قـد علمت أن المذكرات أخذعـت للتحرير اللغوي و الأسلوبي … » من أي مصدر اٌستـقى هذا الخبـر ؟ و بعد جزمه هذا يلوم بدون دراية المؤرخ الذي حسب اٌعتقاده قام بتعديل و تحريف المذكرات لأن صاحبها لم يكن له مستوى تعـليمي حتى تكون » له هذه اللغة الرانـقـة و الخالية من الأغـلاط … » حسب تعبيره. ثم ينتقل ـ بنوع من إستعرض العـضلات ـ إلى » تصحيح » المعلمومات المغلوطـة للمؤرح نفسه، كما يدعي عن الدور الذي لعبه رفيق رضا في اٌعتقال فـرج الحلو. و بعـد يـوم مـن صدور هذا المقال قـام أحد متصفحي موقع « فـيسبوك » لماهر الشريف بطلب تعـلـيـقـه فـيما زعـم أبو فـخر بهذا الصدد، فكان رده : » كتب محمود الأطرش المغربي مذكراته بلغـة جميلـة خالـيـة من الأغلاط اللغـوية، و لم يتدخـل معـد المذكرات و محررها ـ و هو المؤرخ الـذي يعـرف كيـف يتعامل مع نص المذكرات ـ في تحريرها اللغـوي و الأسلوبـي،عـلماً بـأن هـناك قـواعـد معـينـة يلتزمبها قسم التحرير في مؤسسة الدراسات الفـلسطينية عـند نشر أي نص يرد إليه » فهلهذا يكفيه أم نحيطه علما أن هذا العامل البسيط المنحدر من أسرة فقيرة مهجرة أصبح صحفـيا محنكـا يشرف على لسان حال الحزب الشيوعي الجزائري، بل و تحول من طالب في جامعـة الكادحـيـن بموسكـو إلى مدرس بها فـيما بعـد، عـندما أنتخب عـضوا في اللجنـة التنفـيذيـة للكومنترن ممثـلا للأحـزاب الشيوعية العربية في1935 ، كما درس بمعهد العلوم الإجتماعية في ألمانيا الشرقية في السبعينات من القرن الماضي.كان يتقن إلى جانب اللغة العربية عدة لغات مثل العبرية و الروسية ثم الفرنسية و شيء من الإنجليزية و الألمانيـة. و لـقـد كـان تخصصـه تاريـخ الحركـة التحرريـة و العـمالية العـربيةلم يكن محمود الأطرش المغاربي معصوما من الخطء كـأي بشـر و ممارسة النقـد و النقـد الذاتـي محبذة و هي من مبادئ الشيوعـيين، و لكن ما كتبه هذا الممثل لإديولوجية البورجوازيـة العـربيـة التابعـة هو تعبير الطموح للهيمنة عن طريق القذف و التلفيق و محاولة طمس التاريخالقارئ الذي يتمعـن جيدا في هذا المقال الذي هو عـبارة عن عرض حال حول الكتاب يستنتـج أن صاحبه لم يقرأ المذكرات من بدايتها إلى نهايتها بل كان يقفز من فقرة لأخرى حتى ينهي بسرعة مقاله ليرسله إلى الجريدة و يقبض عنه ثمنا معينا. فكانت دراسته سطحية كما سوف نعطي بعض الأمثلة عن ذلك. فبعد أن قدم تمهيدا مطولا لا علاقة له بالموضوع يقتبس بعض الفقرات من هـنا و هناك موضحا الصفحات التي رجع إليها، محاولا مباغـثة القارئ بتركيب نص جديد من تلفيقه الخاص ليصور لنا أن شخصية محمود الأطرش أبله نظرا لظروف الوسط الذي ترعرع فيه منذ طفولته كيتيم تاعس و يحط من ذكائه و يقتبس … » ينعتونه بالحمار أو الغباء و الجنون، أو بقلة الفهم… » و إذا رجعنا إلى النص نفهم عكس ما ينويه « الناقد » فمحمود الأطرش عـندما يقدم هـذه النعوت يربطها بصفة الأمانة التي كان يتصف بها خلافا للآخرين الذين يلومنه على عـدم أخـذ النقود في غياب صاحبها. و يكرر نفس العملية عندما يفصل الفقرات عن بعضها البعضعندما يضطر « الناقد » إلى الإعتراف بالمكانة التي حاز عليها محمود الأطرش في هرم التنظـيـم الشيوعي يصوره و كأنه ظل منزويا في إطار ضيق و لم يتطرق في مذكراته إلى زحف الحركة الصهيونية و تنظيماتها و بناء المستعمرات و الإستحواذ على أراضي الفلاحين و فصائل الحركة الوطنية الأخرى و عـدد من الأحداث الأخرى و طبعا هذا غير صحيح إذا عاد القارئ للمذكرات، ثم هو بنفسه يعلل هذه » الثعرات » بتنقل المناضل من بلد لآخر في الشام و خارجهيعتبر صقر أبو فخر ما وصف به المؤتمر السابع للحزب الشيوعي الفلسطيني من خطورة قراراته على الإستعمار و الصهيونية مبالغ فيه من طرف صاحب المذكرات رغم أن هذا الأخير يقدم دليلا ملموسا يتمثل في الحملة القمعية الشرسة التي تلقاها الحزب بدأ بقيادته مباشرة بعد اٌنعقاده. ثم ينتقل إلى ما يقارب مائة صفحة، لنتائج الإنتخابات النيابية في لبنان سنة 1934 التي خاض فـيها الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني معـركة سياسية مهمة نال فيها 10/° في مدينة بيروت و دعـم نـفـوذه في أوساط الجماهـيـر الشعبية رغـم حصار القوى الإستعمارية المزيفـة للنتائـج. و بما أن « الناقـد » يـقـيـم الإنتخابات بعـدد الفائزين و لا يفهم بأن ما يهـم الشيوعييـن في هـذا النوع من الإعـتراك هو تدعـيم صلتهـم بالشعـب و ليس عدد المقاعد التي توزع مسبقا على القوى المتواطئة مع الإستعمار في البرلمان البورجوازيفي ختام المذكرات يقوم معدها ماهر الشريف بالتطرق لمسألة صدقية المذكرات في كتابة التاريـخ معتمدا على نموذجين لكل من نجاتي صدقي و محمود الأطرش فيسرد الجوانب التي يراها إجابيـة بالمقارنة مع المصادر المكتوبة ثم يتطرق لبعض الجوانب السلبية في نظره. فيقوم « الناقد » أبو فخر بالإعتماد فقط على الجوانب السلبية فيما يخص محمود الأطرش لينتقد هذا الأخير في مبالغته لدور وفد الشيوعيين عند اٌنعقاد المؤتمر العمالي العربي سنة 1930 في حيفا، إعتمادا على تقرير الطاهر شـقـيـقـه من أرشيف الكومنترن. و في مغالاة « الناقـد » معـتمدا على نـفـس المصـدر يستهـزأ بـدور الشيوعيين الذي كان عددهم 140 عضوا حسب تقرير سنة 1930 و لم ينتبه إلى التـقـريـر الموالي في 1931 لنجاتي صدقي (الذي يفضل مذكراته، ربما بسبب إنفصاله عن الحركة الشيوعية، بـل ينعته مادويان بالعميل لبريطانيا في مذكراته) و هو يحدد عدد الشيوعيين بـ : 394 عضو. فـيكتب صقـر أبو فخـر « أهؤلاء أرعبوا الإمبرياليين و الصهيونيين حقا..؟ » و كأنه يتجاهـل مكانـة و دور الحزب الشيوعي الفلسطيني في ظروف تلك الحقبة التاريخية و ينكر تضحيات مناضليه الجسيمةثم يواصل ذمه لمحمود الأطرش معتمدا على ما كتمه نجاتي صدقي المفضل عنده لأنه تخلى عـن الشيوعية سنة 1939 بحجة معاهدة عدم التعـدي التكتيكية بين الإتحاد السوفياتي و ألمانيا النازيـة كما وقع في كل البلدان، فيقلل من مشواره الدراسي و يحط من مكانة جامعة الكادحين التي كانـت تكون إطارات الأحزاب الشيوعية الناشئة. إلا أنه يناقض نفسه لما يختم مقاله بأن مذكرات محمود .الأطرش هي « مصدر مهم » في التأريخ للحركة الشيوعـية بالمشرق العربي، و هذا أمر عجيب
ب. لشلاش