Économie

عبد اللطيف رباح، أزمة الجزائر: رأسمالية غير ناضجة و”إعادة تركيب“ عسيرة

سمحت الأزمة الحالية في الجزائر بقياس الهوّة الفاصلة بين حاكمين يعانون من الجمود (والتجمّد) وبين مجتمع عرف تحوّلات عميقة وأصبح يطالب بتغيير جذري للقواعد المسيّرة للحياة السياسية.

في هذه المقابلة مع المراسل، يعود الخبير الاقتصادي الجزائري عبد اللطيف رباح، المتخصص في مسألة الطاقة وصاحب عدد من المؤلفات، لا سيما ”الأقلية غير المرئية“ (الصادر بالفرنسية عن دار القصبة للنشر عام 2008)، إلى الأسباب الهيكلية التي أفضت إلى بروز الحراك القائم، كما يتطرق إلى الأعباء الأيديولوجية التي تعيق تراكمات ضرورية لإعادة بروز القوى التقدمية.

ما الذي يفسر عدم قدرة النظام اليوم على اقتراح مرشح توافقي؟

في الحقيقة، سبق وشهدنا سنة 2014 شرخا في صفوف الطبقة الحاكمة، وقد بلغ ذروته مع الإعلان على العهدة الرابعة لرئيس أتعبه المرض بشدة. وكانت خلفية هذا الانقسام آنذاك تضارب الصلاحيات المفتوح والمعلن أمام الملأ بين المؤسسات الرئيسية للسلطة، والذي قام بمساءلة مكانة ودور الأجهزة الأمنية في المجال السياسي والمؤسساتي. وقد مكن ترتيب هذا التوافق بين النخب الممسكة بالسلطة، إن كانت سياسية أو عسكرية أو من عالم الأعمال، وبمساهمة حاسمة من دائرة الاستعلام والأمن، من إعادة انتخاب عبد العزيز بو تفليقة رئيسا للجمهورية للمرة الرابعة. ومرة أخرى، ثبت دور الطبقة العليا (التي تملي، في الخفاء، شروط دخول المجال السياسي والعمل فيه) في خلق الإجماع بين نخب السلطة. هذا الإجماع بُنيَ من فوق، في سياق كممت فيه وبطريقة صارمة جميع طرق التعبير الديموقراطي المنظَّمة التي تستعملها الحشود والتي يمكن أن تتدخل كفاعل مستقل ومخالف.

عززت هذا الإجماع الرفاهة المالية التي منحتها طفرة الموارد البترولية خلال السنوات 2000 حتى 2014. مثلا، بلغ المدخول الخام المتوسط لطن النفط المكافئ المصدر في مجال المحروقات 649 دولار أميركي خلال الفترة ما بين 2011 و2014. كما أقفلت الجزائر سنة 2013 باحتياطي نقد أجنبي بلغ 194 مليار دولار. في سياق اقتصادي يمثل فيه ثمن النفط المعطى السياسي الأساسي، كان استقرار هذا القطاع حجة هامة في صالح الإجماع. وكانت للطبقات البرجوازية الحاكمة، وهي تتربع على عرش رأس المال النفطي الذي يمنحها النفوذ والامتيازات الحصرية للمنظم بتوزيع المداخيل الأساسية واستقلالية نسبية في التحرك، كانت لها مواردها بحكم وظيفتها كحاكم ومنظم اجتماعي سياسي وبحكم أنها كانت تدعي الحكم في المركز باسم المصلحة الوطنية.
telechargement_4_-6.jpg
الظرف الحالي للعهدة الخامسة مختلف تماما. إذ بات معروفا أن رئيس الدولة عاجز، وهو الذي لم يخاطب شعبه منذ سبع سنوات، وتحديدا منذ خطابه في 8 مايو-أيار 2012 بسطيف حيث قال جملته الشهيرة “جيلي طاب جنانو” (أي أنه عاش وقته). الطفرة المالية تراجعت تدريجيا وبشكل دائم. وفي السنوات ما بين 2015 و2018، انخفض المدخول الخام المتوسط لطن النفط المكافئ المصدر إلى 332 دولار أميركي. وبين حزيران/يونيو 2014 وأواخر 2018، خسرت الجزائر أكثر من 110 مليار دولار، بعد أن فقدت الحجة البترولية قدرتها على الإقناع السياسي. في هذا السياق الذي شهد توجها نحو تقلص “كعكة” النفط والغاز، من الصعب ضمان إدراج المصالح المتناقضة لجميع الطبقات المالكة المتعطشة أكثر فأكثر للسلطة في المنظومة الاجتماعية والسياسية. كما يصعب ضمان إعادة توزيع الأوراق بشكل يرضي الطبقات الوسطى المهمشة والتي تستشيط غضبا لعدم قدرتها على لعب الدور الأول.

إضافة إلى كل هذا، نجد صعوبات اقتصادية كبيرة ومناخ أزمة مزمن يزداد سوءا مع الوقت، بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية (وهي أساس الدولة)، ما يساهم في تعقيد معادلة التوازن الإجماعي. إذ تميزت العهدة الرابعة بعزل ضباط سامين من الجيش وأولهم الرئيس النافذ لدائرة الاستعلام والأمن وهو اللواء محمد مدين الشهير بـ”توفيق”، وكذلك بإيقاف والحكم على رمز مكافحة الإرهاب في سنوات التسعين والألفين، وهو اللواء حسن المقرّب من محمد مدين، وبعده اللواء حسين بن حديد، بسبب تصريحاته وأحداث أخرى هزت صيف 2015 ثم صيف 2018. بمعنى آخر، اجتمعت جميع مكونات الانشقاق في أعلى هرم السلطة.

ما هي الرهانات وراء هذه الأزمة؟ من هي الأطراف المتعارضة ولماذا؟

نجد في قلب هذه الحرب بين الأقليات الحاكمة مسألة إعادة توزيع النفوذ السياسي والاقتصادي بين مختلف المكونات ذات المصالح المدنية والعسكرية. في هذا المشهد، تتعارض الشخصيات المتأتية من داخل الجهاز الحاكم والتي يمثلها علي حداد، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الذين يعدون في دائرة حلفاء وأنصار رئيس الجمهورية ويتمتعون بقدرة وصول متميزة إلى الإمكانيات والأسواق، مع رئيس تصنيع المنتجات الزراعية يسعد ربراب ومجموعته سيفيتال، والذي يبدو منبوذا. إذ إن تركيز سلطة القرار السياسي والاقتصادي في دوائر محدودة وبين أيدي شخصيات معدودة تجعل من أي شخص لا يقع إدماجه في هذا الإطار خاسرا هيكليا ومعارضا محتملا. ونجد في خلفية هذا المشهد الانتماءات المختلفة بل والمتضاربة للتحالفات التي تبنى على صعيد دولي. فمثلا، تحالف ربراب مع رؤوس الأموال الفرنسية وبشكل أوسع الأوروبية لا تخفى على أحد، بينما نسج حداد وكونيناف علاقات مع الصين. في هذا السياق، يمثل التحكيم الرئاسي لفائدة حداد دعما في الوقت نفسه لهذا التوجه نحو العملاق الصيني. صحيح أن كل جماعات المصالح تتفق حول التوجه الليبيرالي وضرورة رفع القيود على رأس المال الأجنبي، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار خلفية التضاربات بين الأطراف الإمبريالية في استيلائها العنيف على الموارد الطبيعية والطرق التجارية والأسواق واليد العاملة. وعلى صعيد أكثر فردية، يجب الانتباه إلى المنافسة بين القوى الكبرى، لا سيما بين الغرب والصين، فيما يخص الأسواق الأفريقية. في هذا المشهد، يلعب يسعد ربراب، من خلال مرشحه غديري، دورا رئيسيا في المشروع الغربي للغزو الاستعماري الجديد لأفريقيا، والتي تشكل الجزائر حتما مقدمتها، إذ اعتبرت دائما باب الولوج إلى هذه القارة، نظرا لثرواتها النفطية والمنجمية.

في الحقيقة، ليست هذه الأزمة، في باطنها، سوى ترجمة عدم نضج الرأسمالية الجزائرية وعدم قدرتها على إيجاد حل لإعادة التركيب التي تهزها، أو إيجاد طريقة لضم مختلف مكونات البرجوازية التي تمثلها. وهو ما أسفر عن حرب ضروس لإعادة اقتسام السلطة الاقتصادية (ومن ثمة السياسية)، حرب أخذت أبعادا مذهلة انكشفت أمام الملأ بمناسبة الفترة قبل الانتخابية، حيث تدعو مختلف مكونات البرجوازية المتنافسة إلى حكم الصناديق و”تحكيم الشعب”.

الرأسمالية الجزائرية ترعرعت بداية من التسعينات على أنقاض مكتسبات النمو الوطني، وبقيت، رغم كل السياسات التي بُذلت من أجل منحها أجنحة قاهرة ولبسط نفوذها، في مرحلة بدائية، لا تتعداها لتصل إلى دائرة النشاطات الحاملة لديناميكية اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية.

رغم كل هذا، لا يسعنا أن نفسر هذه الأزمة في أعلى هرم السلطة من خلال النزاعات الداخلية أو المنافسات بين أصحاب النفوذ فحسب، بل توجد مسائل أخرى بمقدورها أن تنير الأسباب الهيكلية لهكذا أزمة، إن كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. هذه العوامل هي في نفس الوقت داخلية وخارجية، مثل المسكوت عنه من قبل التغطية الإعلامية.

توجد هوة ساحقة بين الحاكمين والمحكومين، تدل عنها، وبوضوح، مؤشرات عدة، يمكن أن نعد أهمها:

تعميم الحركات الاحتجاجية التي تتحول بصفة آلية إلى انتفاضة، أو تحديدا تعميم مناخ انتفاضة اجتماعية مزمنة.
الفشل الذريع لجميع وسائل التنظيم السياسي والاجتماعي التي مثلها الحكم الاستبدادي أو الاعتباطي، واللجوء أكثر فأكثر إلى الهياكل التقليدية والقبائلية كوسيط لحل الصراعات المحلية ذات الصبغة العشائرية، والتي تأخذ بعدا خطيرا.
ارتفاع نسبة الممتنعين عن التصويت والتي تدل على غياب الثقة في جهاز التمثيل الانتخابي القائم. هذه النسبة تترجم عن قناعة تسري تقريبا في جميع شرائح المجتمع والقاضية بأن الانتخابات مفبركة ومغشوشة وأن الإدلاء بأصواتهم لن يجدي نفعا.
الشعور بعدم القيمة وانعدام الوزن وعدم القدرة على التحكم في القرارات التي تشمل جميع قطاعات المجتمع. ويظهر هذا الشعور في اللامبالاة بالشأن السياسي وعدم الاكتراث للمشاغل العمومية بصفة عامة.
الشعور بانسداد الأفق الاجتماعي الذي يسكن جميع فئات الشباب، والذي يظهر من خلال تفاقم الهجرة غير الشرعية أو “الحرقة” والاغتراب بشكل عام.
الصورة المبدئية السلبية التي تحملها طبقة الشباب والتي تمثل 70% من المجتمع على السلطة، إذ لا تظهر لهم إلا من خلال الحواجز والرقابة والامتيازات بغير حق والاحتيال والظلم.
انعدام الثقة تجاه جميع أجهزة السلطة التي باتت تمثل مصادر إثراء شخصية وعائلية، أو مصادر فساد وتهريب شتى.
عموما، نرى هنا مشهد أزمة لا شك فيه، أسفر عن انتشار قناعة عامة بأن السلطة باتت حاجزا يمنع تحقيق طموحات جميع طبقات المجتمع تقريبا، بل وبشكل متناقض أصبحت السلطة في شكلها السياسي الحالي قيدا حتى للفئات التي تجني منها امتيازاتها المفرطة، إذ تمنعها من تحقيق طموحات نفوذها المطلق. بناء على ذلك، فإن هذا الوضع يحتم تغييرا سياسيا وهيكليا جذريا. فالمسألة، فعلا، ليست معرفة إن وجب أم لا تغيير هذا النظام، إذ يبدو أن الجميع متفق على هذه النقطة اليوم. لكن هذا التوافق في الظاهر حول أعراض الأزمة العميقة للنظام وضرورة إنجاز تغيير مهم لا يجب أن توحي بتوافق حول أسباب هذه الأزمة وأهداف التغيير، إذ نلاحظ أنه يتم استبعاد هذه المسائل وعدم الخوض فيها. بيد أننا لا نستطيع التطرق بجد إلى ظروف الخروج الفعلي من أزمة النظام (أي خروج يتعدى الواجهة المؤسسية) دون أن نضع في قلب اهتماماتنا تحليل الأسباب العميقة لهذه الأزمة ولجذورها الاجتماعية والاقتصادية، ودون أن نضع في إطار أوسع أو نتدارس بجميع أبعادها المسألة الأساسية للنمو الوطني، ولمحتواها الاجتماعي والاقتصادي وكذلك الظروف السياسية والشروط العملية لإعادة بعثها.
هل توجد قوى حاملة لسياسة بديلة للسياسة الحالية التي عززت اقتصاد الافتراس والتبعية؟telechargement_2_-15.jpg

فعلا، لا يمكن للحراك الشعبي (بسبب التكميم المحكم الذي عانته طوال عقود التيارات الوطنية والتقدمية، وبسبب إخماد طلبات العمال وبسبب تفككه) أن ينخرط في كفاح “ضد النظام” ومن أجل الديموقراطية إلا من خلال مساءلة السياسة التي اسفرت عن ثلاثة عقود من الدمار الاقتصادي والاجتماعي والتي يمثل هذا الحراك أولى ضحاياها، رغم كونه المستهدف الدائم من قبل البرامج المستقبلية لإعادة الهيكلة الليبيرالية. فهل ستمسك التيارات التقدمية برهانات هذه المعركة من أجل الانتقال إلى “الديموقراطية”؟

في هذا المجال، لا يسعنا للأسف سوى معاينة الضعف الكبير للقوى التي تحمل سياسة بديلة للسياسة الحالية التي عززت اقتصاد الافتراس والتبعية. نحن اليوم في سياق هيمنة عالمية ودون منازع للرأسمالية، التي انخرطت في زمن العولمة والمالية. وقد فرضت السيطرة الأيديولوجية لليبيرالية نفسها بطريقة كرست أطرها التصورية التحليلية. هناك ارتداد في السياق السياسي والأيديولوجي الجزائري، إذ تم التنازل عن الخيار الاشتراكي لفترة ما بعد حرب التحرير، وتكبد أنصاره خسارة فادحة.

هل ستدفع عمليات التصفية والاستقطاب الجارية والتي أسفرت عنها التعبئة الشعبية المدهشة لعشرات آلاف الجزائريين (وأغلبهم من الشباب) الذين خرجوا إلى الشارع، هل ستدفع نحو تصفيات سياسية وأيديولوجية ستساعد على إنهاء التيهان الطويل للفكر التقدمي، والذي رافق تفكك مشروع النمو الوطني الشعبي المستقل؟ إنّ الجواب على هذا السؤال يبقى رهينة الصراعات الديموقراطية والاجتماعية القادمة، ورهينة قدرة القوى المساندة لتغيير جذري على جعل هذه الصراعات تتحقق من خلال مشروع مجتمعي بديل.

ترجمت نص المقابلة: سارة قريرة

Voici le texte en français de l’entretien de Abdeltif Rebah à al Morasel, avec la journaliste Lina Kennouche

L’Algérie traverse aujourd’hui une crise politique majeure, crise révélée dans le contexte électoral par l’incapacité des composantes du pouvoir à trouver un compromis entre elles.


Pourquoi aujourd’hui le système n’arrive plus à proposer de candidat consensuel?

En réalité, on a déjà assisté, en 2014, à une rupture de consensus au sein des fractions dirigeantes du pouvoir qui a atteint son paroxysme avec l’annonce d’un 4ème mandat présidentiel pour un chef de l’Etat gravement atteint par la maladie. A l’arrière-plan, à l’époque, un conflit de prérogatives, ouvert et porté sur la place publique, entre des institutions clé du pouvoir, qui remettait en question la place et le rôle des services de sécurité dans l’espace politique et institutionnel. L’arrangement du consensus entre les élites détentrices de pouvoirs, politiques, du monde des affaires et militaires, avec le concours clé du tout puissant chef du DRS, surnommé Rab edzayer, avait permis d’assurer la réélection pour la quatrième fois consécutive de Abdelaziz Bouteflika, en tant que président de la république. Une nouvelle fois encore se confirmait le rôle décisif de l’overclass qui dicte dans l’ombre les conditions d’entrée dans la politique comme celles de son exercice, dans la fabrication du consensus des élites de pouvoir, consensus construit d’autorité, dans un contexte de musèlement implacable de toute expression démocratique organisée des masses qui interviendraient comme acteur autonome et dissonant. Ce consensus était conforté par la remarquable aisance financière que procurait le boom des revenus pétroliers durant les années 2000 – 2014. Ainsi, le revenu brut moyen de la Tep d’hydrocarbures exportée durant la période 2011-2014 avait atteint 649 US $. L’Algérie avait clôturé l’année 2013 avec des réserves de change qui avaient atteint 194 milliards de dollars. Dans le contexte d’une économie où le prix du pétrole constitue la donne fondamentale du politique, le baromètre pétrolier au beau fixe apportait, ainsi, un argument de poids au consensus. Les fractions bourgeoises dirigeantes, assises sur le capital pétrolier qui leur confère la puissance et le privilège exclusifs de la fonction de régulateur de la répartition des rentes régaliennes et une relative autonomie de manœuvre, avaient encore les ressources de la fonction d’arbitre et de régulateur sociopolitiques, de celui qui prétend gouverner au centre au nom de l’intérêt national.
Nettement différente est la conjoncture actuelle du 5ème mandat. Un chef d’Etat notoirement impotent et qui ne s’est plus adressé directement au peuple depuis sept ans, plus exactement depuis son discours du 8 mai 2012 à Sétif, où il avait lancé sa fameuse réplique “jili tab jnanou” (ma génération a fait son temps).Quant à l’embellie financière, elle s’est progressivement et durablement éclipsée. Les années 2015-2018 ont vu le revenu brut moyen de la Tep exportée tomber à 332 dollars US, soit la moitié du niveau enregistré au cours du 3ème mandat et les réserves de change sont descendues à 82 milliards de dollars US. Enfin, de juin 2014 à fin 2018, l’Algérie a perdu plus de 110 milliards de dollars. En d’autres termes, l’argument pétrolier a grandement perdu de sa force de persuasion politique. Comment garantir, dès lors, dans un contexte de rétrécissement tendanciel du gâteau pétrogazier, l’inscription dans l’ordre socio- politique, des intérêts contradictoires de toutes les couches possédantes à l’appétit de pouvoir vorace grandissant, et une redistribution des cartes qui satisfasse des couches moyennes marginalisées et qui enragent de ne pouvoir jouer les premiers rôles.
S’ajoute à ce tableau de contraintes économiques majeures, un climat de crise chronique qui est allé se dégradant, entre la présidence et l’institution militaire- la colonne vertébrale de l’Etat- compliquant, ainsi, l’équation de l’équilibre consensuel. Le 4 ème mandat, en effet, s’est particulièrement distingué par le limogeage d’officiers supérieurs de l’armée et en premier lieu du tout-puissant patron du DRS, le général-major Mohammed Mediene, dit Toufik, la mise aux arrêts et la condamnation de l’homme fort de la lutte antiterroriste des années 1990 et 2000,le général Hassan proche du général Mohamed Mediene, puis du général Hocine Benhadid pour ses déclarations et d’autres événements qui ont agité l’été 2015 puis l’été 2018. Autrement dit, tous les ingrédients du dissensus au sommet étaient réunis.


Quels sont les enjeux derrière cette crise ? Qui s’oppose à qui et pourquoi ?

— –
La question de la redistribution du pouvoir politique et économique entre les différents groupes d’intérêts civils et militaires est au cœur de cette guerre des oligarques qui oppose les insiders incarnés par Ali Haddad, le patron du Forum des chefs d’entreprise qui font partie du cercle des alliés et soutiens du président avec un accès privilégié aux moyens et aux marchés, au patron de l’agroalimentaire Issad Rabrab avec son groupe Cevital qui fait figure de laissé pour compte. La concentration des pouvoirs de décision politique et économique au sein de sphères réduites et d’un cercle très restreint de personnes est telle qu’elle transforme en perdant structurel et en opposant potentiel tous ceux qui n’y sont pas intégrés. En arrière-plan, la question des ancrages différents et même divergents, en ce qui concerne les alliances internationales. L’alliance de Rabrab avec le capital français et plus généralement européen est notoire, de l’autre coté Haddad et Kouninef ont tissé des liens avec La Chine. L’arbitrage de la présidence au profit de Haddad est en même temps un appui a cette orientation vers le géant chinois. Si tous les groupes d’intérêts s’entendent sur l’orientation libérale et la nécessité de lever les contraintes sur le capital étranger, il importe de tenir compte de la toile de fond des contradictions interimperialistes dans l’appropriation violente des ressources naturelles, des routes commerciales, des marchés, de la main d’œuvre et singulièrement des rivalités entre grandes puissances, notamment entre Occidentaux et Chinois pour les marchés de l’Afrique. Issad Rebrab à travers son candidat Ghdiri se place comme une pièce maitresse dans un projet occidental de reconquête néocoloniale de l’Afrique dont la tête de pont devrait être l’Algérie qui a toujours été considérée comme la porte d’accès au continent du fait de ses richesses pétrolières mais aussi minières
En réalité, cette crise est, quant au fond, l’expression de l’immaturité du capitalisme algérien et de son incapacité à trouver une solution aux recompositions qui l’agitent et le principe qui permettrait de fédérer les différentes composantes de la bourgeoisie qui l’incarnent. Résultat, une guerre féroce pour le repartage du pouvoir économique et donc politique qui a pris des dimensions spectaculaires étalées au grand jour, à l’occasion des pré-présidentielles et où les différentes fractions rivales de la bourgeoisie en appellent à la sanction des urnes, à « l’arbitrage du peuple ».
Le capitalisme algérien qui a grandi, à partir des années 1990, sur les décombres des acquis du développement national est resté, malgré toutes les politiques qui ont été déployées pour lui donner des ailes conquérantes et asseoir son hégémonie, au stade des balbutiements, confiné à la périphérie de la sphère des activités porteuses de dynamisme économique, technologique, social.
Cette crise au sommet ne saurait, donc, s’interpréter, simplement, en termes de querelles intestines ou de rivalités entre détenteurs de pouvoirs. Mais les questions qui permettraient d’en éclairer les causes structurelles politiques, économiques et sociales, les facteurs internes et externes, figurent justement comme les non-dits du traitement médiatique. Cette crise est la résultante du processus de trois décennies de restructurations libérales et des bouleversements géopolitiques dans lesquels elles se sont inscrites, caractéristiques lourdes qui ont non seulement imprimé la forme institutionnelle et politique actuelle du régime, mais aussi et surtout modelé son contenu socio-économique et affermi sa base sociale.
Une voie conçue comme substitut à la voie de développement national de la décennie 1970, mais qui est aujourd’hui dans l’impasse et l’échec du triptyque : libre échange-privatisation-IDE qui en constitue la clé de voûte en est l’illustration probante. Les réformes libérales ont démantelé les bases d’une économie productive et renforcé les faiblesses structurelles d’un système monoexportateur. En un mot, une économie sans consistance productive qui tourne fondamentalement le dos aux attentes et aux aspirations des forces vives du pays, avec des solutions sans lendemain, engendre la fuite des compétences et fabrique des harraga.
Au plan politique,un fossé profond sépare gouvernants et gouvernés, dont l’évidence est attestée par de très nombreux indices, parmi lesquels on peut retenir les plus caractéristiques :
-La généralisation des mouvements de protestation qui tournent systématiquement à l’émeute ou, plus précisément, le climat d’émeutes sociales à l’état endémique
– La faillite des instruments de régulation politique et sociale illustrée par l’autoritarisme et l’arbitraire érigés en méthode de gouvernement et le recours de plus en plus fréquent aux structures traditionnelles et tribales de médiation dans le règlement de conflits locaux de caractère clanique qui prennent une ampleur inquiétante
– Les taux élevés d’abstention qui témoignent de l’absence totale de crédit accordé au système représentatif en place et qui reflètent la conviction ancrée dans la conscience de presque toutes les franges de la population que les élections sont préfabriquées et truquées et que leurs voix ne serviront à rien.
– Le sentiment puissant de ne pas compter, de ne pas être entendus, de ne pas avoir prise sur les décisions qui traverse tous les secteurs de la société et qui s’exprime dans le désintérêt pour la chose politique et la désaffection pour les affaires publiques en général
-Le sentiment de clôture de la perspective sociale qui habite toutes les catégories de la jeunesse et qui s’exprime dans le phénomène grandissant de la harga et de l’exil de manière plus générale.
-L’image de principe foncièrement négative que se font les couches de jeunes, qui forment près de 70% de la population, d’un système qu’ils ne perçoivent plus qu’à travers les barrages, les contrôles, les passes droits, la combine, l’injustice.
-Le discrédit général qui frappe tous les appareils de pouvoir assimilés à des sources d’enrichissement personnel et familial, de corruption et de trafics en tous genres.
En somme, un tableau de crise indéniable qui se traduit par l’opinion générale que le système est devenu un obstacle pour la réalisation des aspirations de presque toutes les strates de la société et même, paradoxalement, un frein, dans sa configuration politique actuelle, pour les ambitions de pouvoir hégémonistes des catégories qui en tirent leurs privilèges exorbitants. Une situation qui appelle, en conséquence, un changement politique et institutionnel radical. La question, n’est pas, en effet, faut-il ou non changer ce système, tout le monde semble en convenir à présent. Mais la convergence apparente sur le constat des symptômes d’une crise profonde du régime et sur le besoin d’un changement conséquent ne doit pas faire illusion sur un consensus quant aux causes de cette crise et à la finalité du changement. Ces questions demeurent, on doit le noter, soigneusement évacuées du champ de la réflexion. Or, on ne peut aborder la question clé des conditions d’une sortie véritable de la crise du système, c’est-à-dire qui va au-delà de la façade institutionnelle, sans mettre au centre des préoccupations l’analyse des causes profondes, des racines socioéconomiques de cette crise. Sans mettre en perspective la question essentielle du développement national, de son contenu socio-économique, des conditions politiques et des modalités concrètes de sa relance.


Est-ce qu’il y a aujourd’hui des forces qui ont une politique alternative à la politique actuelle qui a renforcé l’économie de prédation et la dépendance ?
Victime du musèlement implacable des décennies durant, de l’expression des courants patriotiques et de progrès et de l’étouffement des revendications des travailleurs, fragmenté, le mouvement populaire ne peut, en effet, envisager des luttes  » contre le système », pour la démocratie, qu’en remettant en cause la politique qui a produit les trois décennies de dévastations économiques et sociales dont il a été la première victime alors même qu’il constitue toujours la cible programmée du round à venir des restructurations libérales. Les courants de progrès se saisiront-ils des enjeux essentiels de cette bataille pour la transition à la « démocratie » ?
Sur ces questions, on ne peut que constater, hélas, la grande faiblesse des forces qui ont une politique alternative à la politique actuelle qui a renforcé l’économie de prédation et la dépendance. Il y a le contexte de domination planétaire aujourd’hui sans partage du capitalisme, un capitalisme qui s’est mondialisé et financiarisé. L’hégémonie idéologique du libéralisme s’est imposé consacrant la domination de ses cadres conceptuels d’analyse. Le contexte politique et idéologique est au reflux en Algérie. L’option socialiste adoptée à l’issue d’une longue guerre populaire de libération nationale a été abandonnée et ses partisans ont subi une grave défaite.
Les processus de décantation et de polarisation en cours stimulés par la formidable mobilisation populaire qui a fait sortir dans les rues du pays des dizaines et des dizaines de milliers d’Algériens, jeunes en majorité, vont-ils impulser les décantations politiques et idéologiques qui aideront à la fin de la longue errance de la pensée progressiste qui a accompagné la décomposition du projet de développement national populaire autonome ?La réponse à cette question dépend des luttes démocratiques et sociales qui viendront et de la capacité des forces acquises à un changement radical de les faire aboutir en projet de société alternatif

Laissez un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

*