Politique

سوريا، أروِقَة الحرب

telechargement-25.jpg

سوريا، أروِقَة الحرب

لم يجتمع مجلس الأمن للتنديد بالإحتلال الأمريكي لشمال شرقي سوريا، ولا لوقف الإحتلال التركي لمناطق حدودية، ولا للتنديد بعمليات القتل اليومي وهدم المباني واعتقال الفلسطينيين التي ينفذها جيش الإحتلال الصهيوني لفلسطين (كل فلسطين)، وإنما اجتمع المجلس لِفَرْضِ وقف هجوم الجيش النِّظَامِي السوري على الجزء الشرقي من منطقة الغوطة (وهي أرض سُورية)، مَصْدَر القَصْف اليومي على العاصمة دمشق القريبة وعلى الطريق الدولية الرابطة بين دمشق وحمص… تُعْتَبَر منطقة الغوطة مُزَوِّدًا رئيسيا لدمشق بالإنتاج الفلاحي، وهي منطقة ريفية قريبة من العاصمة دمشق وتضم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية خصوصا في الغوطة الشرقية، أما الجزء الغربي فيضم إلى جانب الأراضي الزراعية مناطق مأهولة… جاء اجتماع مجلس الأمن بعد حوالي شهر من خطاب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمام معهد « هدسون » (18/01/2018) حيث أعلن « إن أولويات أمريكا تتمثل في مواجهة النفوذ المتنامي لإيران وروسيا في سوريا « ، وترجمت أمريكا هذه « الأولويات » عبر تعزيز مواقع الجيش الأمريكي الذي يحتل شرق سوريا، وارتكاب مجازر (لا يُدِينُها مجلس الأمن ولا تذكرها صحف أمريكا وفرنسا وبريطانيا) بهدف إطالة أمد الحرب وتكْرِيس تقسيم سوريا، بالإعتماد في مرحلة أولى على مليشيات عشائر الأكراد (المُدَرَّبَة والمُسَلَّحَة أمريكيًّا)، ومُساعدتها على احتلال منطقة « الجزيرة » (السّورية) الغنية بموارد الطاقة (النفط والغاز) والإنتاج الزراعي، والسيطرة على أكثر من خمسين ألف كيلومتر مربع (دير الزور والحسكة والرقة)، لكن أمريكا قوة امبريالية عُظْمَى تستخدم وُكلاء مَحَلِّيِّين لتنفيذ مُخطّطاتها وقادرة على التضحية بهم حالما تنتهي وظيفتهم أو تتغيّر الظروف، وتعمل أمريكا منذ بضعة أشهر على التوفيق بين العلاقات مع نظام تركيا (عضو الحلف الأطلسي وحليف الكيان الصهيوني) من جهة، ومخططات برنامج الشرق الأوسط الكبير من جهة ثانية، وتعمل على تثبيت سيطرة أمريكا في الشمال الشرقي لسوريا وتحويل « حزب الإتحاد الديمقراطي » (حزب الأكراد) إلى حزب « سُوري » يجمع فئات « عربية » من عُملاء أمريكا تحت إسم « حزب سوريا المستقبل » الذي يضم عناصر جاءت من المجموعات الإرهابية، ومنها « داعش » وبقايا « الجيش الحُر »، وطَرْح مشروع « فيدرالي » لسوريا، بالتوازي مع تكثيف الحادثات لعودة العلاقات الحميمة مع تركيا، وبدأت أمريكا بتطبيق هذه المرحلة الجديدة من المُخطط العام (الذي لم يتغير جوْهَرُهُ)، وباعت الزعيم الكُرْدِي السُّوري « صالح مُسْلم محمّد » الذي تَزعّم « حزب الاتحاد الديمقراطي » (الفرع السّوري لحزب العمال الكردستاني التّركي) لفترة سبعة سنوات (2010 – 2017)، وكرّس فترة رئاسته لربط مصير الحزب بالمُخطّطات الإمبريالية الأمريكية في سوريا والعراق، مقابل وعدٍ أمريكي بتأسيس مشروع كردي في شمال سوريا..

الطاهر المعز 26/02/2018

Laissez un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

*